الذكاء الاصطناعي: أداة تمكين لطالبات العوق البصري في المرحلة الثانوية

في ظل التحولات التقنية المتسارعة، أصبح الذكاء الاصطناعي رفيقًا مهمًا في العملية التعليمية، لا سيما للطالبات من فئة العوق البصري، حيث أتاح لهن فرصًا غير مسبوقة لتجاوز الحواجز التقليدية في التعلم والمشاركة الفاعلة في المهارات التقنية والحاسوبية.

من خلال تجربتي في تدريس الطالبات ذوات الإعاقة البصرية، رأيتُ كيف تُحول الإرادة القوية والصبر العقبات إلى منصات للنجاح. وقد ذكرني تفوقهن بحديث الرسول الكريم ﷺ الذي يبعث الأمل: «مَن فَقَدَ حَبِيبَتَيْهِ – أي عينيه – فَصَبَرَ وَاحْتَسَبَ، وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ» (رواه الترمذي وحسنه الألباني). فهذا الوعد الإلهي ليس تعزيةً فحسب، بل حافزٌ لتحقيق الذات رغم الظروف.

لطالما أدهشني بعد حديثي مع إحدى زميلاتي المعلمات  حول هذه الفئة الرائعة وروت لي بإحدى  الطالبات التي تعاني من ضعف بصري حاد، كانت تستخدم تطبيقًا للذكاء الاصطناعي لتحويل نصوص الكيمياء المعقدة إلى رسوم بيانية صوتية، فتفوقت في فهم التفاعلات الكيميائية أكثر من زميلاتها المبصرات! قالت لها يومًا: «التقنية أعطتني عيونًا جديدة». 

هذه الروح جعلتني أدرك أن دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم ليس رفاهية، بل حقٌ لهن ليُثبتن أن الإعاقة ليست سوى إضاءةٍ مختلفة للعبقرية.

1. تسهيل المذاكرة والوصول إلى المحتوى

يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم في تيسير المذاكرة من خلال:

المساعدات الصوتية الذكية مثل Siri وGoogle Assistant.
تحويل النص إلى صوت عبر أدوات مثل Microsoft Read Aloud وNaturalReader.
الملخصات التلقائية التي تساعد على فهم الدروس بشكل أسرع.

2. التنظيم الدراسي بمساعدة المساعدات الذكية

يمكن لمساعدات مثل Siri وAlexa وGoogle Assistant تنظيم الجدول الدراسي عن طريق:

تذكير الطالبات بمواعيد الواجبات والاختبارات.
البحث عن المعلومات عبر الإنترنت باستخدام الأوامر الصوتية.
قراءة الأخبار أو المقالات التعليمية بصوتٍ واضح.

3. تعزيز المشاركة في المهارات التقنية والحاسوبية

رغم التحديات التي تواجه طالبات العوق البصري في تعلم الحاسب الآلي، فإن الذكاء الاصطناعي يقدم حلولًا مبتكرة، مثل:

المحررات البرمجية الناطقة مثل Visual Studio Code مع قارئات الشاشة.
أدوات تعلم آلي مبسطة مثل Teachable Machine.
برامج تعليم تفاعلية تتوافق مع احتياجات الطالبة باستخدام الصوت واللمس.

4. استخدام التطبيقات المخصصة لذوي الإعاقة البصرية

من أبرزها:

Seeing AI: لقراءة النصوص ووصف الصور.
Be My Eyes: للدعم البصري عبر متطوعين.
Voice Dream Reader: لتجربة استماع مرنة ومخصصة للكتب الدراسية.
5. الذكاء الاصطناعي بوابة نحو الاستقلال الأكاديمي

تكمن القوة الحقيقية لهذه التقنية في تمكين الطالبة من الاعتماد على نفسها، وبناء مهارات تتيح لها مواكبة أقرانها، بل والتفوق في كثير من الأحيان.

3. التفاعل في الفصل الدراسي عبر الذكاء الاصطناعي

التدوين الصوتي الذكي: أدوات مثل Otter.ai تُسجل المحاضرات وتحولها فورًا إلى نصوص مكتوبة، يمكن للطالبات مراجعتها لاحقًا أو تحويلها إلى برايل عبر أجهزة قابلة للتوصيل مثل Refreshable Braille Displays.
منصات التعلم التكيفي: تستخدم منصات مثل Khan Academy الذكاء الاصطناعي لتقديم تمارين مخصصة تتناسب مع مستوى كل طالبة، مع إمكانية توفير شرح صوتي للخطوات الحسابية المعقدة.

4. التعلُّم المخصص باستخدام الذكاء الاصطناعي

تستطيع أنظمة الذكاء الاصطناعي تحليل نقاط القوة والضعف لدى الطالبات عبر أدوات مثل Quizlet، وتصميم خطط دراسية فردية. كما يمكن استخدام روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي (مثل ChatGPT) للإجابة على الأسئلة أو تلخيص الدروس بطريقة تفاعلية.

5. تطوير المهارات التقنية والحاسوبية

تعلُّم البرمجة: توفر منصات مثل Code Jumper (من مايكروسوفت) واجهات برمجة صوتية لتعليم الأساسيات. كما تدعم أدوات مثل Visual Studio Code الإملاء الصوتي لكتابة الأكواد.
مهارات الحاسوب: يمكن استخدام برامج التعرف على الصوت (مثل Dragon NaturallySpeaking) للتحكم في الحاسوب دون الحاجة للوحة المفاتيح، مما يعزز الاستقلالية في إنجاز المهام التقنية.

6. التعاون الاجتماعي والتواصل

تسهل تطبيقات مثل Microsoft Teams وZoom التفاعل مع الزميلات والمعلمات عبر ميزات التحويل التلقائي للكلام إلى نص، وإضافة تعليقات صوتية على الواجبات الجماعية.

التحديات والحلول:

رغم فوائد الذكاء الاصطناعي، لا تزال بعض التطبيقات باهظة الثمن أو غير متاحة باللغة العربية. هنا يأتي دور المؤسسات التعليمية في توفير التدريب والدعم المادي، وتعزيز الشراكات مع شركات التقنية لتحسين إمكانية الوصول.

1. تطبيقات تحويل النص إلى كلام (Text-to-Speech):

Voice Dream Reader (مدفوعة مع نسخة تجريبية):

iOS

Android

(يدعم العربية ويقرأ الكتب الإلكترونية بصوت طبيعي).

@Voice Aloud Reader (مجاني):

Android

(يحول النصوص من الويب أو الملفات إلى صوت).

2. تطبيقات التعرف على الصور والنصوص (Image & Text Recognition):

Seeing AI (مجاني من مايكروسوفت – مخصص للإعاقة البصرية):

iOS

(يوصف المشاهدات، يتعرف على النصوص، العملات، الألوان، وغيرها).

Google Lookout (مجاني):

Android 

iOS

(يتعرف على النصوص ويصف البيئة المحيطة).

Envision AI (مدفوع مع تجربة مجانية):

iOS

Android

(يدعم التعرف على النصوص العربية ويصف الصور بدقة).

3. تطبيقات الملاحة والتنقل (Navigation):

BlindSquare (مدفوع):

iOS

(يحدد الاتجاهات والأماكن القريبة عبر الصوت).

Soundscape (مجاني من مايكروسوفت):

iOS

(يخلق خريطة صوتية للبيئة المحيطة).

4. تطبيقات القراءة والتعلم:

KNFB Reader (مدفوع بخصومات للطلاب):

iOS

Android

(يحول النصوص المطبوعة إلى صوت أو برايل رقمي).

Braille Tutor (مجاني):

Android

(يساعد في تعلُّم لغة برايل عبر الهاتف).

5. تطبيقات المساعدة البصرية (لضعاف البصر):

Be My Eyes (مجاني):

iOS

Android

(يتصل بمتطوعين مبصرين لمساعدتهن عبر كاميرا الهاتف).

Magnifier (مدمج في هواتف آيفون):
يمكن تفعيله من إعدادات الهاتف (لا يحتاج تنزيل).
Big Launcher (مدفوع):

Android

(يُكبّر واجهة الهاتف لضعاف البصر).

6. تطبيقات تنظيم الوقت والمهام:

Evernote (مجاني مع إصدار مدفوع):

iOS

Android

(يتكامل مع برامج قراءة الشاشة لتنظيم الملاحظات).
ملاحظات مهمة:

التوافق مع برامج قراءة الشاشة: تأكدي من تفعيل VoiceOver (لآيفون) أو TalkBack (لأندرويد) في إعدادات الهاتف لاستخدام التطبيقات بسلاسة.
الدعم العربي: بعض التطبيقات مثل Seeing AI وEnvision تدعم اللغة العربية جزئيًا.
الخصومات التعليمية: تواصل مع المطورين عبر مواقعهم الرسمية لطلب خصومات إذا كانت التطبيقات مدفوعة.
روابط إضافية:

قائمة بتطبيقات الإعاقة البصرية من App Store

موارد Google للإعاقة البصرية

إذا كانت إحدى الطالبات تستخدم أجهزة أخرى (كمبيوتر)، يمكنها الاستفادة من:

برنامج JAWS للكمبيوتر (مدفوع): رابط الموقع

برنامج NVDA المجاني: رابط الموقع

كيف تم اختيار هذه التطبيقات؟

من خلال بحثي المكثف عن أدوات تُلبي احتياجات الطالبات ذوات الإعاقة البصرية في كل تفصيلة من يومهن، وجدتُ أن هذه التطبيقات تقدم حلولًا مُتكاملة تغطي:

التنظيم
التسجيل
الوصف
المذاكرة
التطوير والابتكار
التكامل 

لم يكن جمع هذه القائمة عملاً عشوائيًا، بل نتاج بحثٍ في عشرات المنصات وتجارب المستخدمين، لضمان أن تكون كل أداة فيها جسرًا يُحقق الاستقلالية ويُعزز الإبداع. فالتقنية – حين تُوظف بذكاء – تصنع عالماً لا تُحدده الإعاقة، بل الإرادة!

 ختامًا

إن إدماج تقنيات الذكاء الاصطناعي في تعليم طالبات العوق البصري هو استثمار في عقول تستحق، وقلوب صابرة، وإرادة حديدية. ومن خلال دعمنا لهن وتوفير الأدوات اللازمة، فإننا نُسهِم في تحقيق بيئة تعليمية عادلة وشاملة، تُكرِّم كل من اختبره الله بنقص البصر، وأعطاه بالمقابل نور البصيرة.

الذكاء الاصطناعي… أداةٌ جعلت من تجربتي مع طالباتي ذوات الإعاقة البصرية درسًا في الإصرار. لقد رأيتُ كيف يُضيء التكنولوجيا طريقهن، وكيف يُحققن ما وعد به الحديث الشريف من أجرٍ عظيم لمن صبر واحتسب. فبين يديهن، لم تعد التقنية مجرد أدوات، بل شركاء في صناعة مستقبلٍ لا يعترف بكلمة “مستحيل”.