مؤتمر القدرات البشرية HCI 2025 ومعرض EDGEx للتعليم

في صباح يوم مشرق من أبريل 2025، كنت على موعد مع واحدة من أجمل التجارب التي عشتها هذا العام:
دعوة كريمة لحضور مؤتمر مبادرة القدرات البشرية (HCI 2025)، الذي أُقيم برعاية سامية من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – تحت شعار “ما بعد الاستعداد للمستقبل”.

وصلتُ إلى مركز الملك عبدالعزيز الدولي للمؤتمرات بالرياض وأنا أشعر بمزيج من الحماسة والفضول. الممرات المضيئة، الحضور الرفيع المستوى من مختلف دول العالم، التنظيم الرائع… كل تفصيلة كانت تنبئني أنني أمام حدث استثنائي بحق.

البداية: أجواء مؤتمر عالمي بروح سعودية

منذ اللحظة الأولى، كان واضحًا أن هذا المؤتمر ليس مجرد تجمع أكاديمي تقليدي، بل كان منصة عالمية ينبض فيها المستقبل بالحياة.

حضرت جلسات افتتاحية ألهمتني كثيرًا، تحدث فيها قادة عالميون عن أهمية تمكين القدرات البشرية، وضرورة بناء منظومات تعليمية تواكب التحولات السريعة التي يشهدها العالم، خاصة مع ظهور الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي.

ثم توالت الجلسات الحوارية وورش العمل المتخصصة، وكل واحدة منها كانت نافذة تطل على عالم جديد: 

جلسة “عبور العصور: التنمية عبر الماضي والحاضر والمستقبل” شدتني كثيرًا، حيث استعرض المتحدثون رحلة تنمية القدرات البشرية منذ الاقتصادات التقليدية البسيطة، مرورًا بثورات التكنولوجيا والاقتصاد الرقمي، وصولًا إلى التحديات التي تفرضها التقنيات الناشئة اليوم مثل الذكاء الاصطناعي.

ورشة “ما وراء الحدود: التعليم الرقمي والتعلم المرن” أبهرتني بطرحها، حيث نوقشت تجربة جامعة الملك خالد كنموذج رائد لتطبيق التحول الرقمي، وكيف استطاعوا خلق بيئات تعليمية مرنة تواكب احتياجات الطلاب المختلفة، وتدعم مهاراتهم الأكاديمية والمهنية معًا.

جلسة “كيف يغير الذكاء الاصطناعي منظومة التعلم؟” حملت معها رؤى ثورية حول دور الذكاء الاصطناعي في إعادة تصميم نماذج التعلم بالكامل، وتحويل المعلم من ناقل للمعلومة إلى موجه محفز ومسير للتعلم الذاتي.

التجربة المتكاملة: زيارة المعرض الدولي للتعليم EDGEx 2025

بعد انتهاء الجلسات، انتقلت إلى فندق الريتز كارلتون لزيارة المعرض المصاحب EDGEx 2025، الذي أقيم ضمن فعاليات أسبوع القدرات البشرية والتعليم.

تجولت بين الأجنحة المتنوعة التي عرضت أحدث الابتكارات في مجال التعليم والتعلم، بدءًا من تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز، مرورًا بمنصات التعلم الذكي المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وصولًا إلى حلول تفاعلية لقياس أداء الطلاب وتحليل بياناتهم التعليمية.

كل ركن كان يحكي قصة جديدة عن كيف يمكن للتقنية أن تخدم الإنسان، لا أن تحل محله.

رسائل بقيت عالقة في ذهني

خلال حضوري المؤتمر، كانت هناك بعض الرسائل التي لامستني بعمق:

التعليم لا يعني مجرد نقل المعرفة، بل هو بناء قدرة الإنسان على التفكير، الإبداع، والتكيف مع كل جديد.

التقنية ليست الهدف، بل هي وسيلة ذكية لخدمة الإنسان وتعزيز إمكانياته.

مستقبل التعليم لن يصنعه فقط من يجيد استخدام الأدوات الرقمية، بل من يحسن توظيف القيم والمهارات الإنسانية مع هذه الأدوات.

لحظة تأمل…

جلستُ في نهاية اليوم في إحدى زوايا المعرض، أتأمل الحراك العالمي الهائل نحو تعليم مستدام، مرن، ذكي، وإنساني.

أدركت أن كل ما تعلمته واكتسبته خلال هذه الأيام هو بذرة صغيرة، يجب أن أزرعها وأرعاها داخل منظومة عملي، لأساهم – ولو بجزء بسيط – في رسم ملامح مستقبل التعليم في وطني.

التوصيات المستخلصة من تجربتي في مؤتمر مبادرة القدرات البشرية HCI 2025

من خلال حضوري لمؤتمر مبادرة القدرات البشرية HCI 2025، خرجت بعدة توصيات أرى أنها ضرورية لمستقبل التعليم وتنمية القدرات البشرية:

الاستثمار في البنية التحتية الرقمية: يجب ضمان توفير الإنترنت والأجهزة الرقمية للطلاب في جميع المناطق، ليكون التحول الرقمي عادلاً وشاملاً.

تمكين المعلمين من أدوات التحول الرقمي: عبر تنظيم برامج تدريبية مكثفة حول استخدام الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات التعليمية، وتوظيف أدوات التعليم المرن.

دمج مبادئ الأخلاقيات الرقمية ضمن المناهج الدراسية: لتعزيز الوعي بالاستخدام المسؤول للتقنية وحماية الخصوصية الفكرية للطلاب والمعلمين.

التركيز على المهارات الإنسانية: مثل التفكير النقدي، الإبداع، والمرونة، بحيث تكون مكملة لمهارات التعامل مع التقنية وليس بديلة عنها.

دعم مبادرات الابتكار الطلابي: بتشجيع الطلاب على تصميم حلول تعليمية ذكية عبر مسابقات، مشاريع، وبرامج دعم أفكارهم الإبداعية.

تعزيز الشراكات العالمية: مع المؤسسات التعليمية الرائدة لتبادل الخبرات وتبني أفضل الممارسات في تطوير التعليم.

أؤمن أن العمل على هذه التوصيات سيشكل نقلة نوعية في بناء جيل قادر على قيادة المستقبل بكل ثقة وكفاءة.

لو أتيحت لكم فرصة تصميم مستقبل التعليم، ما المهارات التي ترونها ضرورية لأبناء الجيل القادم؟

شاركوني أفكاركم وتجاربكم، لنبني معًا حلمًا أكبر مما نتخيل!