كنت ومازلت أؤمن أن العطاء هو لغة القلوب، وأن الخير لا يُقدَّم فحسب، بل يُزرع في النفس، فيثمر راحة وسكينة وسعادة لا توصف. رحلتي في العمل التطوعي لم تكن مجرد تجربة، بل منهج حياة ساهم في تهذيب نفسي، وتعليمي الصبر والتواضع، وإعادة ترتيب أولوياتي.
من خلال عملي التطوعي، شاركت في جمعيات لخدمة كبار السن، وجمعيات لتحفيظ القرآن الكريم، وجمعيات لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة. في كل تجربة، كنت أكتشف بُعدًا جديدًا للعطاء وأدرك أن لكل شخص حاجته الفريدة، سواء كانت دعمًا نفسيًا، ماديًا، أو حتى مجرد كلمة طيبة.
واليوم، بفضل الله ومنّه وكرمه، أصبحت قائدة لفريق تطوعي، مما جعلني أتحمل مسؤولية أكبر، ليس فقط تجاه المستفيدين، بل تجاه المتطوعين أنفسهم، حيث أصبحت أحرص على غرس روح التطوع في قلوبهم، وتوجيههم للاستفادة من هذه التجربة في تطوير أنفسهم، تمامًا كما ساعدتني في رحلتي.
ساهم العمل التطوعي في تهذيب نفسي:
* تعلمت التواضع: عندما وقفت بجانب كبار السن، أدركت أن الزمن لا ينتظر أحدًا، وأن العطاء لا يعني مجرد المساعدة، بل هو مشاركة للحياة نفسها.
* تعلمت الصبر: من خلال عملي مع ذوي الاحتياجات الخاصة، أدركت أن كل إنسان لديه قدراته الخاصة، وأن الصبر والمثابرة هما المفتاح لفهم احتياجات الآخرين ومساعدتهم بفعالية.
* تعلمت البركة في الوقت: في جمعيات تحفيظ القرآن الكريم، لمست كيف أن العطاء لله يزيد من البركة في العمر والوقت والجهد، فلم يكن يومًا التطوع عبئًا، بل كان طاقة متجددة تملأ أيامي.
* تعلمت أن العطاء لا ينقص بل يزيد: كلما قدمت أكثر، شعرت بفضل الله يحيطني من حيث لا أحتسب، سواء كان ذلك في عملي، أو في تحقيق أمنيات كنت أظنها مستحيلة.
كيف يكون العمل التطوعي استجابة للأمنيات المستحيلة؟
في كثير من الأوقات، نرفع أكفّنا إلى الله نطلب أمنيات نظن أنها تحتاج إلى معجزة. ولكن من خلال تجربتي، اكتشفت أن العمل التطوعي هو أحيانًا الطريق الذي يهيئ الظروف لتحقيق هذه الأمنيات دون أن ندرك ذلك في البداية.
– كنت أظن أن بعض الأمور تحتاج إلى واسطة أو حظ، لكنني وجدت أن العطاء الصادق يفتح الأبواب المغلقة بطريقة لم أتخيلها.
– كنت أبحث عن التقدير في أماكن أخرى، لكنني وجدته في عيون المستفيدين الذين ساعدتهم، وفي قلوب المتطوعين الذين عملوا معي.
– كنت أشعر أحيانًا بأنني وحيدة في سعيي لفعل الخير، لكنني وجدت أن العمل التطوعي يجمع الأرواح المتشابهة ويخلق روابط قوية من المحبة والإخلاص.
من متطوعة إلى قائدة: رحلة من النمو والتطوير
لم يكن وصولي إلى قيادة فريق تطوعي مجرد صدفة، بل كان نتيجة سنوات من التعلم والخبرة، حيث أصبحت أدرك:
* أهمية التخطيط والتنظيم في العمل التطوعي لضمان تحقيق أكبر فائدة للمستفيدين.
* كيفية التعامل مع المتطوعين من مختلف الشخصيات، وتحفيزهم على العطاء بطرق تناسب اهتماماتهم وقدراتهم.
* دور القائد ليس فقط في التوجيه، بل في الإلهام ونقل الخبرات، فالقائد الحقيقي هو من يستطيع أن يجعل التطوع تجربة فريدة لكل فرد في الفريق.
العمل التطوعي: طريق نحو السعادة الحقيقية
اليوم، بعد سنوات من العمل التطوعي، أؤمن أن السعادة لا تكمن في الأخذ، بل في العطاء، وأن التطوع ليس مجرد وقت يُقضى لمساعدة الآخرين، بل هو فرصة لتنمية النفس، واكتشاف مواطن القوة، وتصحيح الأخطاء، وتحقيق الأمنيات بطريقة لا يمكن تفسيرها إلا بأنها رحمة من الله.
إذا كنت تبحث عن طريق جديد في حياتك، فابدأ بالعطاء، وستجد أن الله يرد لك الخير بأضعاف، بطرق لم تكن تتخيلها.